من كتاب النفحات العطرية من سيرة خير البرية.
بقلم نور الدين العتر (خادم القرآن و الحديث في جامعة دمشق)
نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم
ولد النبي صلى الله عليه وسلم من أسرة كريمة أفضل الأسر العربية شهرت أباً عن جداً بفضائل الأخلاق وكرم الفعال المرضية، فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب (واسمه شبية) بن هاشم
(واسمه عمرو) بن مناف.
وأمه صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهرية.
وهو صلى الله عليه وسلم من نسل عدنان من نسل اسماعيل عليه السلام والد العرب المستعربة.
نشأته صلى الله عليه وسلم
ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيماً بعدما توفي ابوه عبد الله ،فكفله جده عبد المطلب ورعاه
وارضعته أمه أياماً ، ثم أرضعته ثويبة الأسلمية، ثم أرضعته بعدها في البادية حليمة السعدية ،كما هي عادة أهل مكة ،لإبعاد الطفل عن التلوث وطلباً لفصاحته اللغوية . وبعد تمام سنتين مدة الرضاعة ،
طلبت حليمة استمرار رضاعه صلى الله عليه وسلم عندها ،لما رأت من الخير والخصب وادرار النياق والشياه.
وجاءه ملكان فشقا صدره الشريف ثم خاطاه ، فعاد كما كان ورجع صلى الله عليه وسلم منتقعاً متغير اللون لما رآه . فأعادته حليمة الى أمه خوفاً عليه من الحادث تخشاه...
بعد ان أعادت حليمة النبي صلى الله عليه وسلم الى أمه .
ثم خرجت به أمه الى المدينة لزيارة أخواله بني النجار ، ثم عادت فوافتها في الطريق المنية ، وكان عمره صلى الله عليه وسلم عند موتها ست سنين ،
ثم مات جده وكافله عبد المطلب وهو صغير ابن ثمان من السنين ، فاستكمل اليتم من جميع جوانبه ، وتضاعفت عليه مصيبته وآلامه .
فكفله ابو طالب عمه واكرم نزله ومثواه ، كما امره عبد المطلب وأوصاه . وكانت نشأته صلى الله عليه وسلم على هذا اليتم لحكم جليلة الهية
وهي أن يكون مخلصاً لعناية ربه ، وتربيته تعالى بذاته ،ليس لأحد من الخلق عليه فضل سواه . فطهره سبحانه من الشرك ومن عادات قومه الجاهلية ،
فلم يعظم لهم صنماً ولم يحضر لهم مشهداً ، وكانوا بطلبونه لذلك فيمتنع فيعصمه الله . وكان هذا دليل عناية خاصة به من الله . أن حفظه الله من الشرك
والخمر والقمار وكل عيب .
ومنحه الله تعالى كل خلق جميل ، حتى كان يعرف بين قومه بالأمين ، لما رأوا من أمانته وصدقه وطهارته .
ولما بلغ صلى الله عليه وسلم من العمر اثني عشرة سنة ، رحل به عمه أبو طالب الى بلاد الشام لزيادة تعلقه به ومحبته اياه ، وبلغ مركز تجارتهم بصرى
فرآه الراهب بحيرة ، وعرف فيه علامة النبوة ، وأمر عمه ان يرجع به خوفاً من دين أهل اليهودية ، فرجع عمه سريعاً به . وأقام صلى الله عليه وسلم
بمكة يخوض غمار الكسب من عمله ، ليكفي عمه تكاليف نفقة الحياة .
وقام صلى الله عليه وسلم برعاية الغنم ، تمهيداً وتدريباً له على رعاية الأمم ، كما هي سنة الله تعالى في الأنبياء والمرسلين ، ثم تاجر في أموال الناس ،
فظهرت فضائله واشتهر بينهم بالأمين .زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة
وفي السنة الخامسة والعشرين من عمره خرج في تجارة لخديجة بنت خويلد الأسدية ، وكان معه غلامها ميسرة ، يخدمه ويعينه في امره وربحت تجارته وتضاعف ربحه ورأى ميسرة من لطيف خلقه
وعججيب أمره وقص على السيدة خديجة كل خبره ، فعرفت بكمال عقلها فضل النبي صلى الله عليه وسلم ، فخطبته لنفسها ، لتنال أعظم الخير والفضل في دنياها وأخراها
وكان لها الفضل في أن رزق صلى الله عليه وسلم كل ولده منها ، إلا ابنه ابراهيم ، فإنه من مارية القبطية ، عليهم من الله الرضوان والتسليم والتحية .
ولما بلغ صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة ، تصدع بنيان الكعبة من السيول الجارفة ، وقامت قريش بتجديد بنيانها ، واختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في ركنها ن وأراد كل زعيم التشرف به ،
وأن يرفعه ويضعه في موضعه ، وتنازعوا وعظم بينهم الخصام ، ثم تراضوا أن يحكم بينهم اول داخل إلى المسجد الحرام ، فكان هو النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : هذا محمد الأمين رضينا به حكماً .
وكان ذلك أمارة لما سيكون له عليهم من السيادة ، بإكرام الله تعالى له صلى الله عليه وسلم بشرف النبوة.