لماذا لا يؤرخون للحب في هذا العصر؟؟
هل أصبحت الحياة مادية إلى حد لم يعد فيها للحب الأصيل من وجود.
إذا سألت امرأة: من تفضلين: عاشقاً فقيراً أم زوجاً غنياً؟
لعلني لا أبالغ اذا قلت ان معظم النساء في شرقنا العربي يفضل الغني على العاشق الفقير،
ومن تقول لي العكس لتعطيني أمثلة. لقد ولّى عهد الرومانسية،
ولم يعد الحب هو الأساس في الحياة بين اثنين.. بين امرأة ورجل.
اصبح العقل يسوس المرأة حيثما تمشي،
وفي ذهنها عصفور في اليد ولا عشرة عصافير عشاق وفقراء على شجرة.
حتى الرجل نفسه بات يحسب الف حساب، ويبحث بكل ما فيه عن المرأة الطالعة من اسرة غنية،
او ان لديها ميراثاً يقيهما الحاجة والعوز، واذا وجدها نصف جميلة،
نحيلة جداً، او سمينة جداً، فهي عبر رنين الذهب والرصيد الكبير في المصرف،
جميلة جداً ولها جسد اين منه احسن عارضات الازياء. هذا واقع في بلادنا لا مهرب منه.
والمرأة لها تفكير مشابه.. اذا كان عاشقها رجلاً وسيماً وشاباً طموحاً وفقيراً،
فإنها تفضل عليه الرجل المسن الذي عمره ضعف عمرها طالما هو ثري وسيؤمن لها كل ما تحلم به
من بيت سكن انيق الى ملابس وازياء من مخازن باريس ولندن الى سفر بالدرجة الاولى
لتقضي عطلة الصيف في جنيف او ماربيا او على شاطئ الريفييرا او في كان..
حيث ترى ما لم تكن تراه في حياتها عند اسرتها الفقيرة.
حتى المرأة الغنية تبحث عن الرجل الغني لتزداد غنى على غنى وثراء على ثراء..
والعكس صحيح عند الرجل.
هذه هي لغة العصر، لغة المال والذهب، حتى ولو على حساب القيم والمبادئ والمثل العليا.
لم تعد، حتى السينما، تهتم بالقصص الرومانسية، صارت السينما فانتازيا.
ثم نحدق في ايدينا الطرية، ولم يخطر بالبال، اننا ذات يوم سنصبح اكثر تجعداً واكثر اهتراء واكثر خوفاً،
واقل اقتناعا بحكايا الف ليلة وليلة ، والأساطير والخرافات.
اليوم، ما من نور يضيء في النفس. ما من شمعة وما من مصباح.
لا نلمح سوى البرق يشتعل في الفضاء المعتم ثم ينطفئ بين رمشة العين وحركتها.
ما الذي ينجينا من هذا السأم غير الحب والحبيبة.
من ينقذنا من هذا التكرار سوى حضور الوجه الجميل.
من يمد لنا يده لنطفو على سطح الماء غير تلك اليد النبيلة المعطاء انها السيدة.
انها السيدة، متى جاءت جاء معها كل ما هو عذب وجميل.
انها ميلاد الشمس وتألق القمر بين النجوم.
هي الحسناء تحمل ضحكتها فترن الاجراس وتصدح الموسيقا.
هي جنة وشجرة وعنقود عنب وباقة ورد وسلة تفاح.
ما اجملها هذه السيدة وليست ككل النساء.
انها نبض الدم والحصاد، ووردة تصعد من الجليد الى اعلى
من جمود الماء قد تكون هي الصمت لحظة وقد تكون هي النداء.
قد تكون هي الربيع فصلاً بعد فصل وقد تكون هي الشتاء.
قد تكون نخلة وسنبلة. وقد تكون هي النجمة في السماء.
هكذا هي البحر وانا نهر من الاشواق يصب فيه والبحر ليس بملآن.
هكذا انا:
حنين ذكريات وأشواق.. و . و .. و انتظار.
أين هي هذه السيدة، في أي زمن، من اي عصر جاءت؟
من قبل التاريخ ام من بدء الحياة؟
لا احد يعرف ولا هي تعرف.. لكن، في النظرة الاولى، ادرك كما يدرك غيري انها امرأة مختلفة،
وجهها الاليف غير كل الوجوه. صوتها غير كل الاصوات، حضورها غير كل حضور.
لا يمكن أبداً، ان تكون هذه السيدة مثل كل النساء.
لا يمكن ان نسميها اسم انثى ولا اسم شجرة ولا وردة ولا كل النجوم
كيف نختلق لها اسماً مختلفاً؟
لا هي زينب ولا صباح ولا نورا ولا فاطمة ولا عائشة ولا كل الاسماء.
لتكن امرأة بلا اسم.. اذا عبرت بنا عرفنا انها المرأة التي لا تحمل اسماً.
انها المرأة التي اذا مرت سبقها عطرها، اذا مرت صمت الكون كي نسمع وقع خطواتها.
انها المرأة اذا تحدثت كانت لغتها كل اللغات، واذا انشدت كان شِعرها كل الشعر،
واذا رفعت يد الوداع تنكست كل الاعلام وارخى الجنود سيوفهم الى الارض.
واذا اقبلت اقبلت معها الفراشات والعصافير، ونهض الربيع من سباته الطويل.
امرأة ليست لها اوصاف. لا هي سمراء ولا شقراء ولا بيضاء.
انها الالوان الثلاثة تتجسد في وجهها الجميل، في بريق عينيها،
ورجفة شفتيها وحركة الظلال على رموشها.
امرأة لا تصور ولا ترسم ولا تكتب.
اذا اتت اتت معها كل الحياة.. واذا ذهبت ذهبت معها كل الحياة..
ولا يبقى من بعدها الا الحزن، الا الانكفاء والجزر والسكون.